جراح الأطفال ذو اللياقة البدنية العالية. خبرة شخصية.
- Muhammad Ba'Ath
- 27 مارس
- 5 دقيقة قراءة

للتمارين الرياضية المنتظمة بجميع أشكالها فوائد مثبتة. يزخر الإنترنت بشخصيات مؤثرة تستعرض أجسامها الرياضية وتروج لأفضل نظام غذائي وبرنامج للتمارين الرياضية. فوائد التمارين الرياضية في مهنة الجراحة أصبحت موضوعًا رائجًا بشكل متزايد. هناك عدد قليل من المقالات الممتازة على الإنترنت التي تناقش فوائد التمارين الرياضية في مهنة الجراحة، مثل هذه، وهذه. في الأدبيات الطبية، تُعرف التمارين الرياضية بأنها استراتيجية شائعة الاستخدام لمكافحة الإرهاق المهني لدى الأطباء، والذي بدوره يؤثر سلبًا على الرضا الوظيفي ومعدلات الاحتفاظ بالأطباء والأداء المهني. هناك عدد قليل من المقالات القائمة على الآراء التي تناقش فوائد التمارين الرياضية في إطالة العمر الوظيفي للجراح. مع ذلك، لا توجد أدلة بحثية كافية حول هذا الموضوع. في هذه المقالة القصيرة، سأحاول عرض تجربتي الشخصية مع التمارين الرياضية وتأثيرها عليّ كجراح.
أولاً، أود أن أضع الأمور في نصابها الصحيح، أنا جراح أطفال وطبيب مسالك بولية أبلغ من العمر 50 عامًا، وأمارس عملي في الغالب في القطاع الخاص في بلد ثري. لم أكن رياضيًا بشكل خاص خلال نشأتي الباكرة، ولم يتم اختياري أبدًا لأي فريق في مدرستي أو منطقتي، باستثناء الشطرنج ربما. كنت أقرب إلى الشخصية الانطوائية. كنتُ أحب ألعاب الفيديو (وما زلتُ أحبها) وكنتُ أمارس التمارين فقط للترفيه والتواصل الاجتماعي، مثل ركل الكرة في شوارع الحي. في العشرينات والثلاثينات من عمري، كنتُ في منتصف بناء مسيرتي المهنية، والتي تطلبت مني في النهاية العمل والعيش في 5 دول مختلفة، وبالتالي، بالكاد مارست الرياضة. لم أبدأ حقًا في ممارسة الرياضة بانتظام حتى الأربعينيات من عمري، بالتزامن مع أزمة منتصف العمر، ثم في منتصف الأربعينيات من عمري بدأتُ في أخذ الأمور على محمل الجد مع تخصيص وقت يومي وروتين لممارسة الرياضة.
لقد غيّرني هذا حقًا للأفضل. أبدو بمظهر أفضل وأشعر أني بأفضل حالاتي. لا أعاني من أي مرض مزمن، ولديّ طاقة أكبر بكثير. كل هذا على المستوى الشخصي، وهو أمر متوقع بالطبع. سأشرح بالتفصيل أدناه كيف أشعر أن هذا جعلني أفضل كجراح.
١. أستمتع بتوازن أفضل بين الحياة والعمل، وهو أمر كنت أتجاهله دائمًا في السابق بسبب انشغالي المهني وتركيزي على الجوانب الأكاديمية والسريرية. الآن، أهتم أكثر بتخصيص وقت لنفسي. نحن -الجراحون- نعطي الأولوية لحياتنا المهنية بشكل غريزي. غالبًا ما يكون هذا أمرًا متأصلًا فينا، ثم يتم تشجيعنا عليه وترسيخه من خلال التدريب والممارسة الجراحية. حتى على مستوى اللاوعي، يصعب تبرير قضاء وقت ممتع لنفسك، إلا إذا كنت مقتنعًا تمامًا أنه سيعزز مسيرتك المهنية. أنا متأكد من أن العديد من الجراحين سيتفقون مع هذه المقولة. إن أخذ إجازة -دون الشعور بالذنب- يكون أسهل عندما تخصص هذا الوقت لممارسة الرياضة، لأنك ستشعر بفائدة ملموسة على عملك.
٢. بدأتُ بالاستيقاظ باكرًا جدًا لأتمكن من إنهاء روتيني الرياضي، وابتكرتُ طرقًا مبتكرةً لاستغلال وقت الرياضة لأغراض أخرى (مثل الاستماع إلى البودكاستات الطبية أو تلاوة القرآن الكريم). كان لكل هذا أثرٌ إيجابيٌّ تمثّل في تحسين جودة النوم وإيقاع الساعة البيولوجية. لا أستطيع المبالغة في أهمية ذلك، خاصةً في سني. أشعرُ بانتعاشٍ أكبر في الصباح، وأشعر أنني أبدأ "معاركي الجراحية" وأنا بنفسية المنتصر سلفاً بعد الانتهاء من تمريني الرياضي. هذا يُسهّل عليّ يومي بلا شك.
٣. أشعر بثقة أكبر في مظهري. لستُ بطبعي من النوع الخجول، لكن من المفيد بالتأكيد أن يعكس مظهرك صورة الشخص الوافر الصحة إذا كنتَ طبيباً، وخاصةً في الممارسة بالقطاع الخاص حيث يتعين عليك إقناع العائلات باختيارك كجراحٍ يُجري عملياتٍ لأطفالهم. بعض الآباء والأمهات ذكروا ذلك لي صراحةً. الممارسة بالقطاع الخاص لها جانب دعائي يشابه عمل مؤثري الانترنت، والمظهر مهمٌّ بهذا السياق. في الثقافة المعاصرة، تمتعك بجسم رياضي هو جزءٌ لا يتجزأ من كونك ناجحاً، والنجاح يجلب المزيد من النجاح.
٤. النقطة الصعبة التعريف وهي تحديد الكفاءة والأداء الجراحي التقني. هل اللياقة البدنية تجعلك جراحًا أفضل؟ هل ينبغي على المرضى الثقة بجراح ذي عضلات بطن مشدودة أكثر؟ من تجربتي الشخصية، الإجابة هي نعم بالتأكيد. أنا الآن مقتنع تمامًا بأن اللياقة البدنية يجب أن تُدرج في أي منهج جراحي. أتمنى فقط لو كنت أعرف هذا من فترة طويلة.
لنأخذ ارتعاش اليدين كمثال على التحسن الذي يمكن أن يحققه التمرين الرياضي على القدرة التقنية للجراح. قليل جدًا من الجراحين محظوظون بأيدي ثابتة كأنها روبوت. جميعنا نرتجف بدرجات متفاوتة. يزيد التوتر والكافيين والإرهاق من سوء هذا. على الرغم من أنني لا أقترح بأي حال من الأحوال أن لهذا تأثيرًا مباشرًا على الأداء والنتائج الجراحية، إلا أنه بالتأكيد يجعل الجراح يبدو أقل أناقة وثقة. في حين أنه قد لا ينتقص من قدرتك الجراحية، فإن وجود ارتعاش سيؤثر على قدراتك الاستعراضية. هناك سبب لتسمية غرف العمليات بمسرح العمليات! لطالما كان لدي "يد ثابتة" إلى حد ما، لكنها تحسنت بالتأكيد مع زيادة لياقتي. أنا الآن واثق جدًا من "عرضي" الجراحي، لدرجة أنني بدأت في تسجيل فيديو العمليات الجراحية بشكل روتيني ومشاركة التسجيل الخام مع المرضى. لقد أصبح هذا جزءًا من علامتي التجارية كطبيب في القطاع الخاص ويحظى بتقدير كبير من العائلات التي اعالج اطفالها.
أجريتُ بعض القراءة في الأبحاث الطبية حول رعشة اليد لدى الجراحين. من المثير للدهشة أنه لم يُبذل سوى القليل لمعالجة هذه المشكلة الشائعة. وُصف تدخلان رئيسيان: حاصرات بيتا (بروبرانولول) واستخدام الروبوت. لم يُذكر التمرين الرياضي إطلاقًا. هذه فجوة في المعرفة الجراحية وفرصة بحثية واعدة. يبدو أن تخصصين جراحيين رئيسيين مهتمين بتقليل رعشة يد الجراحين: طب العيون وجراحة الأعصاب. طب العيون بسبب الطبيعة المجهرية لبعض الإجراءات، وخاصةً على شبكية العين، وجراحة الأعصاب بسبب استخدام أدوات طويلة في تنظير الدماغ.
هذا دفعني إلى إدراك أن جراحة الأطفال/المسالك البولية كتخصص يتطلب مهارة تقنية عالية بشكل استثنائي! فنحن نجمع بين الحاجة إلى التعامل مع الأدوات الدقيقة بالمنظار والجراحة المفتوحة تحت العدسة المكبرة في نفس الوقت، وبالتالي لدينا الأجزاء الأكثر تحديًا في كل من طب العيون وجراحة الأعصاب! أقوم بشكل روتيني بإصلاح الفتق بالمنظار باستخدام أدوات 3 مم وتصحيح الاحليل التحتاني في نفس القائمة الجراحية. هاتين جراحتين مختلفتين تمامًا. يعتمد تنظير البطن بشكل كبير على عضلات الكتف وعضلات الذراع الكبيرة، وهي ليست مصممة في حد ذاتها للحركات الدقيقة، ويتطلب أن تكون عضلات الذراع واليد الصغيرة في حالة تشنج مستمر نسبيًا أثناء حمل الأدوات. في كثير من الأحيان، يعاني الجراحون من ارتعاشات كبيرة عند التحول من الجراحة بالمنظار إلى الجراحة المفتوحة، بسبب إرهاق عضلات الذراع واليد الصغيرة. تخيل نفسك تضرب بمضرب تنس لوقت طويل ثم تجلس لإصلاح ساعة يد. هذا الانتقال يعتبر تحدياً ضخماَ بالفعل. مع ازدياد لياقتي، وجدته أسهل فأسهل.
٥. اللياقة البدنية تعني زيادة قدرتك على التحمل. عندما تكون أكثر قدرة على التحمل، يقل احتمال ارتكابك أخطاءً مرتبطة بالإرهاق. نلجأ إلى طرق مختصرة عندما نشعر بالتعب، ولنكن صريحين، في كثير من الأحيان نكون منهكين تماماً، ويزداد هذا الأمر سوءًا مع تقدمنا في العمر. التعب كذلك يجعلك أكثر انفعالًا وتوترًا، ويؤثر على تواصلك وعلاقاتك مع زملائك. إن تحسين لياقتك البدنية لن يُحسّن مهاراتك التقنية فحسب، بل سيُحسّن أيضًا مهاراتك غير التقنية، وقدرتك على القيادة والتواصل.
٦. اللياقة البدنية تُقلل من احتمالية تعرضك لإصابات الجهاز العضلي الهيكلي أثناء العمل، وهو أمرٌ يُثير قلقًا متزايدًا لدى الجراحين، خاصةً مع تزايد أعداد كبار السن بينهم. هذا، بالإضافة إلى جميع النقاط الأخرى المذكورة سابقًا، يُحسّن من طول العمر الوظيفي. لماذا تدع جسدك يخذلك وأنت في قمة طاقتك العقلية؟ منذ أن بدأتُ ممارسة الرياضة، أشعر أنني أستطيع الاستمرار في إجراء العمليات الجراحية لفترة أطول بكثير مما كنتُ عليه سابقًا.
وأخيرًا، يجب التأكيد على أن برنامج التمارين الرياضية المخطط جيدًا والموجه جراحيًا لن يستهدف القوة والكتلة العضلية فقط، بل سيركز أيضًا على المرونة والتحكم والقدرة على التحمل في الجسم كله.
Comments